منذ آلاف السنين، اعتُبرت الدورة الشهرية للمرأة حدثًا مقدسًا يرتبط بالقمر والطبيعة ودورات الحياة والموت والتجدد. النساء في حضارات قديمة كنّ يعشن لحظات الدورة في عزلة أو خيمة خاصة، ليس كنوع من العار بل من الاحترام لقدسية هذه الطاقة القوية. لكن مع انفتاح الحياة الحديثة وكثرة مشاركة التفاصيل الشخصية على وسائل التواصل، بدأت الكثير من النساء يتحدثن علنًا عن تفاصيل دوراتهن، بما في ذلك مواعيدها الدقيقة.
قد يبدو الأمر عاديًا أو حتى صحيًا في إطار التوعية، لكن طاقيًا وروحيًا هناك أبعاد عميقة تحتاج للتأمل والحذر.
الرحم ليس مجرد عضو جسدي، بل هو مركز طاقي يرتبط بالقدرة على الخلق، الإبداع، والاتصال بالروح. وقت الدورة الشهرية، ينفتح هذا المركز ليطهر نفسه جسديًا (خروج الدم) وطاقيًا (تحرر من مشاعر وطاقات عالقة). لذلك تكون الهالة في هذه الفترة أضعف، والجسم أكثر حساسية للتأثيرات الخارجية.
عندما يعرف الآخرون توقيت هذه البوابة، يصبحون قادرين - سواء بوعي أو بغير وعي - على توجيه انتباههم أو نواياهم نحوك، ما قد يؤثر على توازن طاقتك.
أقوى ما يمكن أن يؤثر بالمرأة في فترة دورتها هو العين والحسد، لأن هذه الطاقات تتغذى على اللحظات التي يكون فيها المجال الطاقي ضعيفًا. العين ليست مجرد نظرة، بل ذبذبة مركزة من الغيرة أو التمني السلبي.
كذلك، الكلام السلبي أو الانتقادات أو الإحراج أو التنمر، كلها تحمل طاقات منخفضة. وعندما تصلك وأنتِ في فترة الدورة، تتجسد بسرعة في الجسد كآلام أو اضطرابات. قد تظهر التأثيرات هكذا:
١. زيادة الألم أو النزيف.
٢. شعور بالخجل أو الانغلاق على مستوى الأنوثة.
٣. تعب مفاجئ أو ثقل في الرحم.
٤.اضطراب في انتظام الدورة على المدى البعيد.
في الموروثات الروحية والباطنية، يُعتبر دم الحيض من أقوى المواد التي يمكن استخدامها في الطقوس السحرية، نظرًا لارتباطه المباشر بطاقة الحياة والخصوبة. حتى لو لم يحصل أحد على دمك، مجرد معرفة مواعيد دورتك يمنحه "خريطة" دقيقة عن لحظات ضعفك وقوتك.
السحرة عبر التاريخ كانوا يعتمدون على الإيقاعات الطبيعية (القمر، المد والجزر، دورات الجسد) لإحكام أعمالهم. فإذا عُرف وقت ضعف الهالة عندك، قد يُستخدم لتكثيف نية سلبية مثل تعطيل الزواج، أو تعطيل الرزق، أو زيادة الألم الجسدي.
المصريون القدماء: كانوا يرون دم الحيض رمزًا للقوة والخلود. بعض النصوص الطبية القديمة تشير لاستخدامه في وصفات سحرية أو علاجية.
الهنود والآيورفيدا: في بعض التقاليد، المرأة في وقت الحيض كانت تُعتبر "شبه كاهنة"، لأنها على اتصال مباشر بدورات الكون. لذلك كانت تعيش في عزلة اختيارية كي لا تتأثر بطاقات الآخرين.
القبائل الأمريكية الأصلية: النساء كنّ يدخلن "خيمة القمر"، مكان مخصص يجتمعن فيه وقت الدورة. لم يكن هذا عقابًا، بل فرصة للتأمل والشفاء وتبادل الحكمة.
و العرب قبل الإسلام : كان بعضهم يعتبر الحيض "سرا كونيا خاصا "، و هذا يدل على اعتقادهم بقوته الطاقية. و بعد التفكر هنا لعلها خدعة قاموا بها اجدادنا لتخويفنا من اظهار او التحدث عن دورة شهرية حتى لا يعرف احد عن نقاط ضعفنا .. ف انقلبت الآية مع مرور زمن و تم ربط الدورة شهرية بمفاهيم العار ..
كل هذه الأمثلة تعلّمنا أن الدورة كانت دائمًا مرتبطة بالقوة والسرية معًا.
كيف تحمين نفسك؟ الوعي أول خطوة للحماية. ليس المطلوب أن تعيشي بخوف، بل أن تدركي أن جسدك مقدس ومواعيد دورته ليست للعرض العام.
خطوات عملية للتحصين:
1. السرية: تجنبي مشاركة المواعيد الدقيقة إلا مع دائرة ثقة.
2. التحصين الروحي: قراءة المعوذات، آية الكرسي، أو أذكار الحماية بشكل يومي.
3. درع طاقي: قبل النوم أو قبل نشر أي معلومة، تخيلي نورًا ذهبيًا يغلف رحمك وهالتك كدرع.
4. إعادة تعريف: بدلًا من قول "أنا ضعيفة وقت الدورة"، قولي "أنا في طقس تطهير وتجديد".
5. التأريض: المشي حافية على الأرض أو التأمل مع تنفس عميق يساعد على إعادة التوازن للهالة.
مشاركة تفاصيل الدورة الشهرية علنًا قد تبدو خطوة بسيطة، لكنها طاقيًا وروحيًا تفتح أبوابًا للتأثر بالعين والحسد أو بالكلام السلبي أو حتى بالسحر. الحل ليس العزلة ولا الخوف، بل الوعي والحماية. اجعلي من دورتك مساحة مقدسة لكِ، وشاركي حكمتها بدلًا من تفاصيلها الزمنية. بذلك تتحولين من كونك مكشوفة للآخرين، إلى أن تكوني مصدرًا للوعي والشفاء.
نحن النساء، نحمل في أجسادنا سرّ الحياة ، ف رحمنا ليس عضوًا بيولوجيًا فقط، بل بوابة كونية تولد منها الأرواح والأفكار والطاقات.
كل شهر، ومع كل دورة، يفتح جسدنا نافذة بين الموت والحياة، بين الهدم والبناء، بين النهاية والبداية.
ومع ذلك كم مرة استُخدم دمنا ضدنا كسلاح للطعن أو السيطرة أو السحر؟ كم مرة تحولت دورتنا إلى مجال مكشوف للعين والحسد والطاقة السلبية، لأننا لم نُعلَّم أن نحميها كسرّ مقدس؟
آن الأوان لننهض بوعي جديد، لن نسمح بعد اليوم أن تُستغل تفاصيلنا الجسدية والطاقية ضدنا.
لن نشارك مواعيد دوراتنا كأنها تفاصيل عادية، بينما هي في الحقيقة مفاتيح لطاقتنا الأعمق.
كما نحمي بيوتنا من الغرباء، علينا أن نحمي إيقاع أجسادنا من التدخلات الخفية: عين، حسد، كلام سلبي، انتقاد، أو سحر.
في خيمة القمر عند القبائل الأصلية، كانت النساء يجتمعن ليحتفلن بدوراتهن كطقس مقدس. إذن، نحن لم نخترع هذه القداسة. نحن نستعيدها.
دعوتي اليوم لكن :
١. أعيدي تعريف دورتك: هي ليست ضعفًا، بل طقس تطهير وتجدد.
٢. احميها: لا تعلني مواعيدها للعامة. اجعليها سرًّا بينك وبين جسدك، أو شاركيها فقط مع دائرة ثقة.
٣. حصّني نفسك: بالذكر، بالنور، بالوعي.
٤. ارفعي صوتك: قولي لبناتك وأخواتك وصديقاتك أن دم الحيض قوة، لا عار.
كل امرأة تستعيد سرّها، هي شعلة. وكلما اجتمعت الشعلات، يصبح النور أقوى من كل عين وحسد وسحر وظلام.
نعلنها اليوم:
دورتنا ليست للعرض، بل للحماية.
دمنا ليس للانتقاص، بل للقوة.
رحمنا ليس للسيطرة، بل للخلق.
نحن نساء القمر،
نحمل الثورة في أجسادنا،
ونعيد للأنوثة قدسيتها المفقودة.
احجز/ي استشارتك الآن مع كوتش هدى الشيخ عبر واتساب