اليوم نفتح بابًا حساسًا: القدر.
هل نحن مسيَّرون بالكامل أم مخيَّرون؟
وهل حياتنا مجرد خط واحد مرسوم منذ البداية حتى النهاية؟
هل الفقير مكتوب عليه أن يعيش ويموت فقيرًا؟
هل الفتاة مكتوب لها الزواج أو البقاء عزباء؟
هل الكافر مكتوب أن يموت كافرًا، والمؤمن أن يعيش مؤمنًا؟
ولماذا نقول دائمًا في تراثنا الشعبي: "قسمة ونصيب"؟
وإذا كان كل شيء مقدرًا فلماذا يحاسبنا الله؟
الحقيقة ليست معقدة كما تبدو. نعم، القدر يعني أن حياتنا مكتوبة، لكن ليس بسيناريو واحد. بل نحن أمام عدد لا نهائي من السيناريوهات، كلها ضمن علم الله، ونحن نملك حرية اختيار أيها نعيش.
الله كرم الإنسان بالوعي والحرية، وكل فكرة تخطر ببالك موجودة بالفعل في بعد آخر. أنت لا تفكر في شيء غير موجود، لكنك لا تراه إلا حين يرتفع وعيك ويقترب تردده من تردده.
ولهذا عليك ان تدرك ان كل فكرة هي كائن حي في بعد آخر، يغذيها تركيزك واهتمامك. فكر الآن في فكرة واحدة تريد أن تراها في حياتك، تخيلها كاملة كما لو كانت واقعك الآن، وشعورك تجاهها سيجعلها أقوى في عالمك. عدم التفكير بفكرة معينة لا ينفي وجودها، لكنها موجودة في بعد آخر غير متوافق مع وعيك الحالي. عندما نتحدث عن الفقر، المرض، الزواج، النجاح…
نحن نتحدث عن احتمالات متعددة. إنسان يعيش فقيرًا حتى النهاية، إما لأنه بقي أسير سجلات عائلية وبرمجات قديمة، ولم يسمح لنفسه أن يتخيل الثراء أصلًا، أو لأنه حاول التغيير وارتفعت أفكاره نحو الوفرة، لكنه اصطدم ببلوكات داخلية كالخوف أو شعور بعدم الاستحقاق فظل عالقًا. هذا ينطبق على كل مجالات حياتنا: الصحة، العلاقات، النجاح، السعادة، وكل التفاصيل. هناك نسخة منك ثرية، وأخرى فقيرة، نسخة متزوجة سعيدة، وأخرى تعيسة، وأخرى مطلقة أو أرملة، نسخة في صحة عالية، وأخرى مريضة… كل هذه النسخ موجودة في البعد الآخر، وأنت تختار أيها ستعيش بحسب وعيك وذبذباتك.
كل فكرة وفعل اليوم يغير نسخة الغد من حياتك، فأنت صانع مستقبلك كل لحظة. جرب أن تغلق عينيك، تستمع لصوت قلبك، تلاحظ شعور دفء الطاقة في صدرك، وتتصور النور ينتشر في جسدك كله… هذه تجربة طاقية مباشرة تحوّل إدراكك وتجعلك أكثر انسجامًا مع النسخة الأفضل منك. كل فكرة إيجابية ترفع طاقتك، وكل فكرة سلبية تثقل جسدك وذبذباتك.
لحظة من الانتباه للانسجام بين قلبك وجسدك وعقلك تجذب نسخة حياتك الأفضل. لقد رأيت أشخاصًا بدأوا حياتهم فقيرين، ثم استيقظوا على فكرة الثراء وركزوا عليها يوميًا، فتغيرت حياتهم تمامًا وآخرون بدأوا رحلة علاجية ووعي ذاتي، فوجدوا أنفسهم في صحة وعلاقات لم يكن يحلموا بها.
أنت صانع واقعك، صاحب زمام حياتك، نور في عالمك، و كلما صدقت مع نفسك ومع محيطك، كانت رؤاك صادقة وقريبة من الواقع.
تمرّن الآن: تنفس بعمق ثلاث مرات، اختر فكرة واحدة تريد تحقيقها هذا الأسبوع، تخيلها كما لو كانت حياتك الآن، اشعر بها بكل حواسك، ركز شعور الامتنان وكأنها تحققت، وكرر نية صادقة: "كل فعل ونية صادقة تجعل حياتي تتوافق مع أفضل نسخة مني."
كل نية صادقة هي بذرة تُزرع في بعد آخر، ووعيّك هو الماء الذي يجعلها تنمو وتتحول إلى سيناريو حياتك الجديد. الله وهبنا حرية الإرادة، لكن حريتنا لا تخرج من دائرة القدر، وسنحاسب على ما اخترناه: هل اخترنا نورًا أم ظلامًا؟ لن ينفع يوم الحساب أن نلقي اللوم على شيطان أو إنسان أو ظروف، كما قال تعالى: "وأن ليس للإنسان إلا ما سعى، وأن سعيه سوف يُرى".
كرر دعواتك وتأكيداتك الروحانية صباحًا ومساءً وانت تسعى بمقدار سعتك : "أنا نور الله ع الارض . أنا حر بالله .. أنا قادر بامر الله على تحويل حياتي للافضل . أنا أستحق الوفرة والسعادة." ف كل نسمة هو رسالة، وكل شعاع شمس يذكرك بقدرتك على النمو والتغيير. الطبيعة مرآة لطاقة روحك، فراقب طاقة اليوم وارتبط بما حولك من نور وحياة.
راقب نفسك كالمراقب: أفكارك، مشاعرك، صمتك. هذا الوعي هو بوابة اختيار النسخة الأفضل.
كل تجربة، كل تحدٍ، كل ألم، وكل فشل، هو رسالة من روحك لتذكيرك بالمسار الصحيح نحو نورك. ف اختر نسخة واحدة تريد أن تعيشها، ركز عليها، احلم بها، واترك لها مساحة لتتجسد. أحيِ نفسك، وأحيِ العالم معك.
احجزي استشارتك الآن عبر واتساب